سيبويه

كان سيبويه في صغره يتكلم الفارسية، ثم استعرب، فلم يكن أولى عنده من طلب حديث أفصح العرب -صلى الله عليه، وسلم!- فجلس فيه إلى حماد بن سلمة، فأقرأه، فهفا هفوات، فأحرجه بها بين زملائه -وربما سخروا عندئذ منه- فأعرض عنه وعن المحدّثين جميعا، وجلس إلى الخليل بن أحمد، يطلب علم العربية الذي يسلم به من مثل تلك الأخطاء، ولزم بابه، فكان كلما خرج رآه فقال له: أهلا بزائرٍ لا يُمل! فأخلص الأخذ عنه في حياته والإسناد إليه بعد مماته، وأهمل الحديث، حتى أخلى منه كتابه الذي صار به إمام النحويين، وسن لهم فيه إهمال الحديث، حتى إنه لما احتاج إلى الاحتجاج به جعله من كلام العرب! فهذان أستاذان: بغَّض أحدهما إلى تلميذه علمه حتى أورده بالإعراض عنه المهالك، وحبَّب الآخر إليه علمه حتى ذكره بعد مماته ذكره في حياته!

Related posts

Leave a Comment